الأربعاء , 30-أبريل-2025
مراقبون: عام سيئ للحريات والصحافة الإلكترونية على المحك

مراقبون: عام سيئ للحريات والصحافة الإلكترونية على المحك

المملكة اليوم -

يجمع مراقبون للحريات، أن العام 2015، كان عاما (سيئا)لحرية الصحافة في الأردن، ويستشهدون على ذلك بتوقيف عدد من الصحفيين والكتاب، ومدونين على صفحات وسائل التواصل الاجتماعي.

وتكفل المادة 15 من الدستور حرية التعبير، كما أن (المادة 19) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والأردن طرف فيه، تحمي الحق بهذه الحرية، بما في ذلك “حرية التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى آخرين دونما اعتبار للحدود، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو بأية وسيلة أخرى يختارها”.

وشددت لجنة حقوق الإنسان، التي تتولى تفسير العهد، على أهمية “التعبير غير المقيد” بموجب العهد، فيما يتعلق بالنقاش حول المسؤولين العموم في المجال السياسي والمؤسسات العامة.

وبموجب المادة (9-3) من العهد: “لا يجوز أن يكون احتجاز الأشخاص الذين ينتظرون المحاكمة هو القاعدة العامة”.

انتهاك لحرية التعبير

يواجه الصحفيون واحدة من أكثر المضايقات على حرياتهم، ذلك أن قانون منع الجرائم الإلكترونية وحده بات “سيفا مسُلطا” على أقلامهم وحرياتهم، بحسب صحفيين، حيث الاعتقالات التي طالت عددا منهم مؤخرا ليست إلا “انتهاكا لأحد الحقوق الأساسية للمواطن في التعبير عن رأيه”، وفق رأي مراقبين.

وفي هذا المضمار، تعرض رئيس تحرير صحيفة “السبيل” الزميل عاطف الجولاني للتوقيف في آب (أغسطس) الماضي على خلفية مقال له في الصحيفة.

ويقول الجولاني في هذا الصدد: “عندما نشرت المقالة في الصفحة الأولى في الصحيفة لم يحدث شيء، وبعد نشرها على موقع “السبيل” الإلكتروني، صدر قرار بتوقيفي، استنادا لقانون الجرائم الإلكترونية”.

ويضيف: “لم يعد لقانون المطبوعات والنشر الذي يمنع توقيف الصحفيين قيمة، خصوصا وأن أغلب المواد التي تنشر في الصحف تنشر تلقائيا في مواقعها الإلكترونية، الأمر الذي يشُرعن لقانون الجرائم الإلكترونية بتوقيف الصحفيين”.

بدوره، لا يرى الباحث في منظمة “هيومن رايتس ووتش” آدم غوغل أي تفسير لديوان التشريع بالنسبة لقانون الجرائم الإلكترونية سوى أنه “يسمح باحتجاز الصحفيين باستخدام القانون”.

ويقر ديوان تفسير القوانين، الذي ينص على أن “جرائم الذم والقدح المرتكبة أو المقترفة، يسري عليها تطبيق المادة 11 من قانون الجرائم الإلكترونية، والمادة 114 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، وليس المادتين 42 و45 من قانون المطبوعات والنشر”، وهو ما يعني تقييدا أكبر على مسألة حرية النشر.

ومنذ إصدار هذا القرار، تم توقيف أربعة صحفيين بتهمة الذم والقدح، استنادا للمادة 11 من قانون الجرائم الإلكترونية، بالإضافة الى المادة 114 من قانون أصول المحاكمة الجزائية، ومن هنا بات مؤكدا أنه ووفقا لهذا القرار، وبحسب ما يراه نقيب الصحفيين طارق المومني، فإنه “أصبح من السهل توقيف الصحفيين، الأمر الذي يتنافى وقانون المطبوعات والنشر الذي يمنع توقيف الصحفيين”.

وكان تقرير شبكة “سند” القانونية التابعة لمركز حماية وحرية الصحفيين الذي يصدر دوريا، كشف أن توقيف الصحفيين ما يزال يسنتند إلى قانون الجرائم الإلكترونية.

أما الرئيس التنفيذي للمركز الزميل نضال منصور، فيعتبر أن قرار تفسير القوانين “يفتح الباب لإعادة التوقيف في قضايا الإعلام على نطاق واسع”، وفق بيان أصدره المركز مؤخرا.

من جهته، يمارس الصحفي أحمد أبو حمد، رقابة ذاتية صارمة على مواده الصحفية قبل نشرها، ليحمي نفسه من الوقوع في “مطب” قد يودي به وراء القضبان.

ويقول أبو أحمد إن “التعامل مع الصحفيين بطريقة إحكام القبضة الأمنية، وتكميم الأفواه يثير التساؤلات حول أسباب التوجه الرسمي نحو هذه الإجراءات”.

حرية على المحك

وكان المعهد الدولي للصحافة (IPI) دعا في تقرير له حمل عنوان “حرية وسائل الإعلام الإلكترونية في الأردن على المحك” الأردن إلى إلغاء القانون الجديد الذي يقضي بإدخال التوقيف كعقوبة محتملة للصحفيين العاملين على شبكة الإنترنت.

وطالب المعهد، خلال مهمته الرسمية في الأردن في أيار(مايو) الماضي، بضغط مدني لإحداث تغييرات في نظام الترخيص، ولجمع الحقائق المتعلقة بتطوير مشروع المعهد الدولي للصحافة للترويج للسلامة الرقمية وحماية حرية الإعلام الإلكتروني.

وأشار تقرير المعهد إلى أن إعادة إدخال التوقيف لصحفيي المواقع الإلكترونية جذبت الانتباه بعد توقيف عدد من الصحفيين في أعقاب صدور تفسير عن هيئة حكومية، بأن “البند 11 من التشريع الجديد المعدل لقانون مكافحة الجرائم الإلكترونية في حزيران (يونيو) الماضي، الذي يتناول القدح أو الذم في المواد المنشورة على الإنترنت– يحل محل الحظر الصريح ضد السجن في قانون المطبوعات والنشر في الأردن”.

ويقول مدير المعهد ستيفن إلليس، في تصريح إعلامي، إن هذا التغيير “يُشكل خطوة الى الوراء، مثيرة للقلق على حرية الإعلام في الأردن”، حاثا المشرعّين الأردنيين على اتخاذ إجراءات فورية لضمان حظر توقيف الصحفيين.

ويضيف: “بالإضافة إلى ما تتضمنه قوانين القدح والذم دائماً من إمكانيات هائلة لسوء المعاملة، فإن هذا البند الجديد، كما هو مفسر، يجرد صحفيين معينين من الحماية التي حصل عليها جميع الصحفيين، مقابل التقيّد بقانون المطبوعات والنشر”.

أما الزميل داود كتاب، عضو مجلس الصحافة الدولي فيقول: “هناك انزعاج كبير وشعور بالغبن، لأن المسؤولين وعدوا المواقع الإلكترونية بأنه في حال الترخيص كصحيفة سينطبق عليها قانون المطبوعات الذي يمنع توقيف الصحفيين”.

ويرى كتّاب أن هناك “تمييزا واقعا على الصحافة الإلكترونية، إذ بمجرد نشر ذات المادة المنشورة في الصحيفة في موقع إلكتروني قد يتم توقيف صاحبها مباشرة”.

مكافحة الإرهاب

يصنف قانون مكافحة الإرهاب، بأنه “قانون يضيق الخناق على الصحفيين”، وفق مطلعين، إذ إن التعريفات الغامضة لمصطلح الإرهاب، تعني أن أي تقرير لا يلقى استحساناً من بعض المسؤولين، يمكن أن يُحال صاحبه إلى القضاء.

على الرغم من القيود المفروضة على محاكم أمن الدولة، فإن الصحفيين وجدوا أنفسهم أمام هذه المحاكم في عدة مناسبات في الأعوام الأخيرة.

ويبين المحامي عبدالرحمن الشراري، أن القرارات التي تصدر عن الديوان الخاص بتفسير القوانين، تأتي “إعمالا لسلطاته الدستورية المنصوص عليها في المادة (123) من الدستور، ولها بصريح نصها قوة القانون، ومن ثم فإنها تتناول بالتنظيم كل ما يتناوله القانون، بما في ذلك المسائل التي نص الدستور على أن يكون تنظيمها بقانون أو وفقا لأحكام القانون”.

ويوضح بالقول: “إذا تضمن القرار بتفسير قانون قيدا على حق أو حرية عامة يعطل الانتفاع بها أو يضيق من نطاقها، وقع هذا القرار في دائرة المخالفة الدستورية، لخروجه على الحدود التي رسمها الدستور في مجال تنظيمها”.

خلط الجرائم الإلكترونية بالمطبوعات

يقول المحامي المتخصص بالحريات العامة صدام أبو عزام إن “ثمة خلطا كبيرا بين تطبيق قانون الجرائم الإلكترونية وقانون المطبوعات والنشر وأطر التجريم بينهما، وانعكس ذلك على قرار ديوان تفسير القوانين”.

ويفسر ذلك بأن المتتبع لمسيرة قانون الجرائم الإلكترونية يجد بأنه يغطي ويشمل في العقاب حالات متعلقة بالجرائم وأفعال ناتجة ابتداء عن الاستخدام الخاطئ والمضر لوسائل التواصل الحديث، والدخول غير المصرح به لهؤلاء الأشخاص، بهدف إلحاق الضرر من خلال قرصنة المعلومات أو حذفها أو نقلها أو نشرها أو نشر معلومات أو صور تشكل اعتداء على بعض الأشخاص.

ويضيف: “الأركان المطلوبة لتطبيق قانون الجرائم الإلكترونية تختلف عن تلك المطلوبة وفقا لقانون المطبوعات والنشر، وخاصة ضرورة وقوع الاعتداء، ويتمثل في الدخول غير المصرح به لأي موقع إلكتروني، ونشر أو إعادة نشر مواد تشكل ذما وقدحا وتحقيرا لأي شخص”.

ويتابع أبو عزام: “أما الغاية التشريعية من وضع وتطوير قانون الجرائم الإلكترونية فكانت بغرض تلافي النقص التشريعي في معاقبة الدخول غير المصرح إلى المواقع الإلكترونية والبنوك والتشهير والقدح من أشخاص غير معلومين ومجهولي الهوية، وكذلك وقف الأعمال والاستقطاب غير المشروع والاستخدام لغايات الدعاية وتسجيل الصور والفيديو وابتزاز الناس، أو نشر أخبار كاذبة أو صور لهم بطريقة غير مشروعة”.

ويزيد: “أما قانون المطبوعات والنشر، فإنه يلاحق ويعاقب تجاوز الحدود المهنية والصحفية وفقا لمقضيات حرية الرأي والتعبير وأخلاقيات المهنة، وفي هذه الحالة فإن مرتكب الفعل معروف لا يخفى على أحد، بل يعلن اسمه ويسعى إلى إيصال المعلومة لعموم الناس، وفي حال تجاوز مقتضيات العمل الصحفي المهني يصار إلى تطبيق قانون المطبوعات”.

شاهد أيضاً

الأردن يترأس اجتماعات الجمعية العامة الرابعة لمنظمة التعاون الرقمي

المملكة اليوم - تنظم منظمة التعاون الرقمي، يوم 19 شباط الحالي، الجمعية العامة الرابعة للمنظمة …