الأربعاء , 14-مايو-2025
جلالة الملك.. إليك همنا

جلالة الملك.. إليك همنا

المملكة اليوم -

 

جلالة الملك،

عند كل نهاية شهر تصدمنا حكومة الجباية والإستخفاف بالتسعيرة الجديدة غير الصادقة للمحروقات. فعندما ترفع الأسعار تكون نسبة الرفع غير متوافقة مع السعر العالمي لبرميل النفط. والوضع كذلك عند الخفض. والأنكى من ذلك عندما ترفع هذه الحكومة بعض المشتقات وتخفض البعض الآخر في التعديل الواحد وكأن مشتقات النفط تأتي من مصادر ومواد غير النفط. أداء كهذا يعني الإستخفاف بشعبكم الذي دوما تعولون على مستوى الوعي لديه.

وشعب يتمتع بمستوى عالٍ من الوعي لا تنطلي عليه أساليب يتبعها رئيس حكومة لا يؤمن إلا برفع الضرائب والرسوم والتي تأتي بنتائج عكسية فلا تغطي عجزا ولا تسد دينا، بل الواقع يقول أن الدين بارتفاع ملحوظ في عهد هذه الحكومة. أليست هذه أسباب كفيلة بأن توقفوها جلالتكم؟؟

سيدي،

تعلمون جلالتكم أن البترول الخام يرتفع بمجمله وينخفض بمجمله. وهو ليس كالبطاطا تصنف صنف أول وثاني وثالث وبالتالي تكون الأسعار متفاوتة. أما البترول يباع بالبرميل إن ارتفع سعره او انخفض فذلك ينعكس على جميع مشتقاته ارتفاعا او انخفاضا وبنسب متساوية. أما حالنا بالأردن فلا مثيل له بين الدول. فخفض سعر البنزين والكاز والديزل بقروش معدودة ورفع اسطوانة الغاز نصف دينار ونحن في بداية فصل شتاء يؤكد الخبراء شدة برودته والتحذير منها، ما هو إلا الإستبداد بعينه والجباية المحضة بعينها دون التفات لإمكانيات المواطن المتواضعة جدا.

ولتعلموا جلالتكم أن الطلب يزداد على الغاز لأن غالبية البيوت الأردنية تستخدم الغاز في التدفئة مما يرفع محصول الحكومة المتسلطة من هذا الرفع غير المبرر. والديزل غالبية مستخدميه من الطبقة الميسورة الحال للتدفئة المركزية. مما يعني أن الطبقة الميسورة الحال هي المستفيدة من هذا التعديل المجحف والمتضرر هو السواد الأعظم من شعبكم.

ناهيك جلالتكم عن رسوم تسجيل السيارات التي تفاجأ المواطنون بمضاعفتها دون سابق إشعار وكذلك الإرتفاع الشبه يومي لمئات السلع والتي يجري رفعها كوضع السم في الدسم. هل هناك ما يدعو جلالتكم للإعتقاد بأن هذه الحكومة تخدم المواطن كما أقسمت أمامكم؟؟

سيدي،

لقد ضاق الناس ذرعا بهذه الحكومة التي لم تتوقف تجنياتها على الشعب الذي تدفع به بشتى الوسائل للخروج إلى الشارع. ولا شك تعلمون جلالتكم ثمن هذا الخروج وتبعاته وتكلفته وانعكاساته على الشأن العام وعلى الصورة البهية للأردن بين الدول.

جلالة الملك،

أصدقكم القول ودون مواربة، لقد أصبح اللوم يطالكم وأنتم من بيده خلع هذه الحكومة المتجنية على شعبكم. وإن انتظرنا مجلس النواب ليحسم أمر هذه الحكومة، فنحن كمن ينتظر مجيء غودو(Godot). فإذن شعبكم سيستمر بتلقي المزيد من المعاناة والأعباء والضغط والإفقار على يد هذه الحكومة التي بإمكانكم استبدالها في سياق “الإصلاح” وتأكيد حرصكم على المواطن الذي طالما أكدتم على حمل همه. فهي أثبتت بشتى الوسائل أنها لا تلتفت للمواطن، بل همها الجباية حتى لو أصبح شعبكم كالطبقة المعدمة في الهند يقتاتون الفضلات وينامون على الأرصفة وفي الأزقة ويتظللون بصناديق الكرتون.

الأمر جد خطير جلالتكم ويحتاج منكم وقف هذا التغول على شعبكم بخلع هذه الحكومة. نعلم سيدي حرصكم الشديد على راحة المواطن، لكن حكومتكم تمادت بأذى المواطن وتفننت بوسائل الضغط لدرجة تجعل من الهدوء هدوءا قبل عاصفة عاتية وأنا ابن هذا الشعب الصابر واعني ما أقول من خلال الإستماع لما يدور بين الناس بشتى المناسبات.

هي الحكومة الأطول عمرا بين الحكومات والأكثر زيادة لهموم المواطن، فما الذي يدعوكم للتمسك بها وهي تزيد شعبكم غبنا وقهرا وفقرا؟؟ الإستهتار عنوانها والجباية هدفها وإفقارالناس هو ديدنها ومصداقيتها مفقودة وألاعيبها مكشوفة وتغييرها مطلب شعبي عام، فما الذي يدعو جلالتكم للإنتظار؟؟ هل أداؤها يرضيكم ونهجها يحقق راحة المواطن؟؟

لقد دخل الأردن ملياري دولار في أقل من سنة واحدة بينما المديونية ارتفعت بما يعادل الربع. حالات الإنتحار بازدياد ملحوظ، الإعتداء على رجال الأمن صار امرا مألوفا، الجثث الملقاة هنا او هناك بازدياد مستمر. وكل ذلك دافعه أسباب اقتصادية ومعيشية شكلت قناعة لدى الكثيرين بأن إنهاء حياتهم أوحياة الآخرين هو الحل الأمثل.

جلالة الملك،

تعلمون جلالتكم أن الإقتصاد هو المحرك للسياسة وهو الأداة التي تشكل النسبة العظمى من نمطية السلوك العام لدى الأفراد في أي مجتمع. لذا حري بنا البحث عن الأسباب الحقيقية لكل هذه المنغصات. فمثلا، عند القبض على قاتل وسجنه او حتى إعدامه دون كشف ومعالجة الدوافع التي تخلق مثل هذه الحالات، نكون قد عالجنا الأمر سطحيا مما يجعل المجال مفتوحا لتكرار ذلك من اناس آخرين.

سيدي،

يقول المثل الشعبي الأردني “إقلع السِّن واقلع وجعه”. وما حكومة أوجعت الأردنيين مثلما أوجعتهم هذه الحكومة المتمادية بغيها واستهتارها وأكاذيبها التي نخشى أن تدفع بالناس للخروج والتظاهر احتجاجا للتعبير عن غضبها ورفضها للسياسات الحكومية التي تقضم ما لدى المواطن من دنانير معدودة.

سيدي،

لا يخفى عليكم الرواتب المتدنية التي يتقاضاها السواد الأعظم من موظفي الدولة وجنودها. لقد طفح كيل شعبكم بحكومة تدفع وتستفز شعبكم باتجاه التصادم. لقد آن الأوان للتغيير وإطلاق ثورتكم البيضاء التي ناديتم بها ولا نعلم متى ستنطلق.

نقدر لهذه الحكومة إغلاقها للمحلات التجارية والمطاعم والمولات التي تتاجر بأرواحنا مقابل ربح رخيص. لكن هناك ما لا يقل أهمية وجدير بالإهتمام والرعاية وهو مستوى المعيشة ومراعاة أن الأردني إنسان لا يساق بالعصا وله مشاعر وله طاقة محدودة على التحمل، بعد استنفاذها لا بد من أن يخرج عن صمته. فهلا تداركتم جلالتكم الأمر بطرد هذه الحكومة الجانية واستبدالها بمن لديهم الغيرة على شعبكم؟؟

حمى الله الأردن والغيارى على الأردن والله من وراء القصد.

بقلم: راتب عبابنة

[email protected]

 

 

شاهد أيضاً

الأردن يترأس اجتماعات الجمعية العامة الرابعة لمنظمة التعاون الرقمي

المملكة اليوم - تنظم منظمة التعاون الرقمي، يوم 19 شباط الحالي، الجمعية العامة الرابعة للمنظمة …