الأربعاء , 30-أبريل-2025

حرب المخدرات السورية على الأردن

المملكة اليوم -

المملكة اليوم – هزاع التل – أردنياً.. عندما قبلنا في مرحلة من مراحل الصراع الإقليمي إبان ما يسمى “الربيع العربي” بتسلل الجهد الاستخباري الفكري السوري للأردن وتحملنا كل تطاولات اللواء بهجت سليمان، كان ذلك بهدف خلط الأوراق بالداخل الأردني لخلق تيار شعبي وتكتيكي مناوئ لجماعات ما يسمى بالإسلام السياسي لقناعتنا بأن هذا التيار عدو تقليدي قادر على تغيير أدوات التموضع السياسي للخريطة الوطنية ..

وأردنياً.. عندما تحملنا كل قرف “البروباغندا” السورية ومنظومة الدعاية والإشاعات والحرب النفسية وفتحنا الفضاء الإلكتروني أمام مصفوفة الحرب النفسية التي كانت تبث من داخل الأراضي اللبنانية والسورية فذلك لتقديرات حول مآلات الصراع وإمكانية تفجره حتى بمواجهة العدو الصهيوني بحيث يتم السماح لعمليات المشاغلة لدينا على حساب القلق الإسرائيلي من تنامي معادلات العداء وتصعيد الموقف الشعبي الأردني بما يخدم ما نراه اليوم من معادلات صمود ورفض شعبي لما يسمى “صفقة القرن” وبما يخدم فعلياً المركز التفاوضي للمملكة والحديث يطول من هذا الجانب ..

وأردنياً.. عندما تحسنت العلاقات واقترحنا البدء بالملف الاقتصادي لعمليات التطبيع وصولاً للملف السياسي فلقد كان ذلك مشروطا “بحرق المرحلة وحرق أدواتها ” لكن يبدو أن هنالك “عصابات” تقود حدود الدولة السورية وليس نظاما بالمفهوم السيادي والوطني، ومن الواضح أن بعض الجهات في الداخل السوري لا تزال مستفيدة من الوضع السلبي القائم وهي خارج نطاقات السيطرة السيادية لأصحاب القرار إن كانت سوريا اليوم بعد حرب بسوسها قد استرجعت فعلاً مفهوم الدولة ..

لا ندري تحديداً فيما إذا كان الرئيس بشار الأسد على علم بما يجري فعلاً من محاولات بعض خلايا نظامه أو على الأقل بعض رجالات نظامه إضعاف الأردن، لكن يفترض أن تكون هذه النظرية قد انقضت حكماً بتغير معادلات الصراع واستعادة الدولة السورية لمواقعها على الحدود لكن من العجيب جداً والمستهجن جداً والمستغرب جداً تضاعف عمليات تهريب المخدرات والسلاح للأردن عبر حدودنا الشمالية بعد سيطرة الدولة السورية أو هكذا يفترض مما يعني أن هنالك رعاية رسمية أو شبه رسمية على الأقل وتسهيل مهمات بهذا الاتجاه ..

قراءات خطيرة ومقلقة للغاية تستدعي مراجعات على مستويات عليا لطبيعة ومستويات إعادة العلاقات مع السوريين وفيما إذا كان ذلك يشكل خطراً استراتيجياً على المملكة، في ظروف بالغة التعقيد تستوجب نهضة وتصدي كل الأردنيين لمشروع تصفية القضية الفلسطينية على حساب الأردن فعملية إغراق “الأطراف” ومناطق العشائر تحديداً بالسلاح والمخدرات بات يأخذ بعداً مقلقاً ومفهوماً سياسياً وأمنياً يتجاوز فكرة التجارة والتهريب التقليدية لا سيما في ظل تقديرات لحرب باتت على الابواب ما بين المشروع الايراني والمشروع الصهيوني على حساب الامة العربية والارض العربية والانسان العربي فتقديرات كلا المشروعين وأدبياتهما تذهب بمنحنيات منحطة مفادها إضعاف الدولة الأردنية والجميع يجد ضالة مشروعه في تفجير صراع داخلي اردني وهذا بالطبع يستلزم أيدولوجيا مدعومة بالسلاح واللاوعي ..

الشعب الأردني يخوض اليوم حرب الاستقرار وحرب الاقتصاد وحرب الاصلاح وحرب مكافحة الفساد وحرب التغيير السياسي وبالتأكيد حرب الصمود أما انتصار الارادة الشعبية في هذه الحروب فلابد ان تكون صادرة عن ارادة حرة واعية نهجها سلمي وعليه فإن اغراق الاردن وخصوصا في مناطق العشائر والاطراف بالمخدرات والسلاح السوري يتوجب قراءته سياسيا وامنيا قبل اي قراءة اخرى ومن المعلوم لدى معظم الحراكيين انه قد حصلت حالات وفاة بجرعة زائدة من المخدرات وهذه الحقائق لا يجوز انكارها لأن الهدف هو تحصين الجبهة الداخلية بما فيه الحراك الوطني الاردني من العبث ..

احصائياً.. تضاعفت عمليات التهريب والترويج والتجارة برعاية رسمية او على الأقل شبه رسمية سورية وتضاعفت معها ازماتنا الاردنية واحصائيا ايضا لا توجد دراسة اقتصادية صادرة عن اي جهة بما فيها مجلس التنظير الاقتصادي والاجتماعي لبيان حجم الخسائر المباشرة وغير المباشرة للمخدرات والسلاح السوري وانتشارهما وتلازمهما والاهداف والجهات التي تقف خلف ذلك ومدى تأثير نظام العدالة الجنائي في تحقيق الردع العام والخاص ومدى تاثير العفو العام مثلا وهل نحن بحاجة الى تغليظ العقوبات على الترويج والحيازة بقصد التجارة من عدمه وماهية الدور المطلوب من المجتمع والانسان الاردني وماهية التأثيرات المفترضة سياسيا واجتماعيا وثقافيا ..

اليوم يتعرض الأردن لحرب حقيقية في مجال السلاح والمخدرات القادمين من سوريا والتي لها اهداف ابعد من المجال التقليدي لهذه الآفة ومن الواضح ان هنالك جهات منظمة ومدعومة خارج الحدود متورطة حتى شحمة اذنيها في محاولات هدم الاردن فوق رأس اهله وبالرغم من الجهود الجبارة والخارقة التي تقوم بها قواتنا المسلحة واجهزتنا الامنية وعلى رأسها ادارة مكافحة المخدرات للانتصار في هذه الحرب الا انها تبقى قاصرة بسبب حجم المؤامرة وبسبب عدم وجود دعم شعبي حقيقي او وعي شعبي بعمق الازمة وخطورتها مما يستدعي اعادة التفكير على كافة المستويات بوضع استراتيجية شعبية لدعم المجهود الحربي الرسمي أما سوريا فننتظر من ” الاشقاء ” ضبط حدودهم ..

شاهد أيضاً

الأردن يترأس اجتماعات الجمعية العامة الرابعة لمنظمة التعاون الرقمي

المملكة اليوم - تنظم منظمة التعاون الرقمي، يوم 19 شباط الحالي، الجمعية العامة الرابعة للمنظمة …