الأربعاء , 23-أبريل-2025

قبضة السيسي الحديدية تمتد لمسلسلات رمضان

المملكة اليوم -

كشفت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية عن إبلاغ أجهزة النظام المصرية المخرجين ومنتجي مسلسلات رمضان بضرورة التقيّد ببعض الإجراءات الواجب مراعاتها في المسلسلات، وذلك بإطار ما وصفته الصحيفة بأنه محاولة من قبل الرئيس عبد الفتاح السيسي للتحكّم بالدراما والأفلام، ووضع يده الحديدية عليها بعد أن قمع أحزاب المعارضة، وأذعن وسائل الإعلام لسلطته، وسجن العديد من معارضيه.

وبحسب الصحيفة فإن عناصر أمنية في الحكومة المصرية أبلغت المخرجين بضرورة أن تتضمن مسلسلاتهم إشادة بالجيش والشرطة، وتشويهاً لسمعة الإخوان المسلمين المحظورة، وكلُّ من يخالف تلك القواعد لن يُبث إنتاجه خلال رمضان المقبل.

وتنقل الصحيفة عن عز الدين شكري فشير، الكاتب والدبلوماسي السابق، قوله: إن الأمر بالنسبة للسيسي لا يتعلق فقط بالسياسة أو السلطة، وإنما هي محاولة لإعادة تثقيف الجمهور المصري.

الحملة الأخيرة للسيسي على قطاع الدراما في مصر تعكس صورة أخرى من صور استبداده وتسلطه الذي وصل إلى مستويات جديدة في بلد يحكمه قوميون بدعم من الجيش، كما تقول الصحيفة.

وتتابع: “كان حسني مبارك، الذي حكم 30 عاماً قبل الإطاحة به في ثورة شعبية عام 2011، يرأس نظاماً قمعياً قاسياً في كثير من الأحيان، ومع ذلك سمح بمساحة لمراكز السلطة الأخرى، مثل حزبه السياسي ومجلس القضاء الأعلى، حيث أصدر القضاة أحكاماً مزعجة له من وقت لآخر، والصحف كانت تنتقده، وفي عام 2005 فازت حركة الإخوان المسلمين بخمسة مقاعد بالبرلمان”.

أما في عهد السيسي، الذي تولى السلطة عام 2013 إثر انقلاب عسكري على الرئيس المنتخب محمد مرسي، فقد أُغلق هذا الفضاء المحدود من الحرية، فهو يدير الدولة من خلال ثلة صغيرة من المستشارين، معظمهم من العسكريين والأجهزة الأمنية وعائلته التي باتت تتمتع بنفوذ اقتصادي كبير.

ويقول يزيد الصايغ، زميل مركز كارنيجي في بيروت، إنه سيشعر بالأمان أكثر في دمشق منه بالقاهرة عندما سيتحدث بالسياسة؛ “الاستبداد الشخصي للسيسي جعله يحاول السيطرة على الفضاء العام بشكل كامل، بحيث لا يجرؤ أحد على قول أي شيء حتى لو كان بمفرده، فهو يمكن أن يعتبر من معه في السلطة معارضين له”.

وأضاف: “هذا هو الخوف الذي تحاول أن تزرعه جميع الأنظمة الشمولية؛ إنهم يجعلونك تعتقد أنهم يسمعونك حتى لو كنت بمفردك”.

وقالت الصحيفة إن المتحدث باسم الحكومة المصرية رفض التعليق على مثل هذه الأنباء.

وتتابع الصحيفة الأمريكية أن البرامج الحوارية التي كانت في وقت ما عبارة عن نقاش صاخب، تحولت إلى برامج مؤيدة للحكومة، ويقول إيمي هارثورن، الباحث في مشروع الديمقراطية بالشرق الأوسط إن السيسي ليس صدام حسين أو كيم جونغ أون، ولكنه يدفع مصر إلى هذا النوع من أنظمة الحكم.

وفي الشهر الماضي، قال المؤلف المصري الشهير علاء الأسواني، مؤلف رواية “عمارة يعقوبيان”، إن محكمة عسكرية سرية حاكمته غيابياً بتهمة التحريض على الكراهية ضد النظام، وأنه كان في يوم من الأيام مؤيداً لـ”داعش”.

وفي يناير الماضي، قال عمر واكد، الممثل المصري المعروف، إنه حُكم عليه بالسجن ثماني سنوات لانتقاده السيسي، قبل أن يطرده اتحاد الممثلين المصريين، الأسبوع الماضي، من النقابة بتهمة الخيانة العظمى، بعدما قدم شهادته في الكونغرس الأمريكي حول خطط السيسي لتعديل الدستور.

ويقول أحد المخرجين المصريين، الذي طلب عدم ذكر اسمه، إن مسلسلات رمضان هذا العام قُلصت إلى النصف، ولن يكون هناك سوى 12 – 15 مسلسلاً.

في حين قال أحد كبار المديرين، طالباً عدم الكشف عن اسمه أيضاً، إن كتاب السيناريو تلقوا أوامر لتمجيد الجيش ومهاجمة الإخوان المسلمين وتشجيع القيم العائلية، ودعوة الشباب للاستماع لكلام شيوخهم.

وتعتبر “المجموعة المصرية للإعلام” شركة إنتاج لها صلات بالمخابرات المصرية العامة، وهي الشركة التي تهيمن على الإنتاج التلفزيوني، كما أنها اشترت العديد من شبكات التلفزيون في مصر.

ويقول عز الدين شكر، وهو محلل يعيش في الولايات المتحدة إن هذا التوجيه هو دليل آخر على وجود اختلاف كبير بين السيسي ومبارك.

وفي عهد مبارك كان هناك على ما يبدو رضى عن وجود خلل وظيفي في مصر، بينما يسعى السيسي لإعادة تشكيل الهوية الأخلاقية والفكرية للمصريين، وتطهير ما يعتبره تيارات فكرية خطيرة على المجتمع، وفق ما بين المحلل للصحيفة، ويوضح أيضاً أن التوجيه يعد علامة على وجود اختلاف كبير آخر بين السيسي ومبارك.

ويرى محللون أن السيسي من خلال سعيه للسيطرة المتشددة على كل مفاصل الدولة والمجتمع في مصر، ربما يزرع بذور تراجعه في نهاية المطاف.

ويقول يزيد الصايغ: “مثل هذا النظام الذي أدى إلى عزل كثير من قطاعات المجتمع قد يحول السيسي إلى شخص ضعيف، وربما يواجه نظامه صدمة غير متوقعة في يوم ما”.

شاهد أيضاً

فوائد شرب فنجان من القهوة يوميا

المملكة اليوم - تُعتبر القهوة من المشروبات الأكثر شعبية في العالم، وليس بدون سبب. فشرب …