تعمل دائرة المخابرات العامة بصمت، ومع كلّ انجازاتها التاريخية، على مدار عمرها، فهي لا تروّج لنفسها، ولا تعلن عن عملياتها إلاّ عند الضرورة القصوى التي تهدف إلى خدمة هدفها، وهو تحقيق الأمن، وليس سرّاً أنّ السمعة المحلية والاقليمية والدولية لاحترافية ومهنيّة الجهاز تسبق أيّ كلام عنه.
رسالة الملك لمدير المخابرات الجديد تتضمّن هذا كلّه، وأكثر بالطبع، فهي ليست مجرّد كلمات ترحيبية بالرجل الموثوق فحسب، بل هي أيضاً رسالة تنويرية لكلّ الأردنيين، من حيث الوضع الدقيق الذي نعيشه، والتحديات غير المسبوقة التي تواجهنا من”المتغيرات الاقليمية والمناخ العالمي العام الفريد والمتوتر”، وليس سرّاً أيضاً أنّ سبب هذا كلّه ريادة جلالته في القيادة التي لا تتنازل ولو قيد أنملة عن الحقوق التاريخية.
والشفافية هي عنوان آخر لرسالة الملك، فالبعض القليل القليل في الجهاز حاد عن السبيل، وانساق وراء مصالحه الخاصّة ولكنّه لقي جزاءه الطبيعي، والبعض في المجتمع لا يُقدّر الظرف الدقيق فيبحث عن شعبية زائلة، وهو يعرف أو لا يعرف، أنّه يساعد أعداء الموقف الأردني الموحّد، وموقف جلالته هنا حاسم صارم لا يقبل الشكّ أو التأويل: لن نسمح بذلك أبداً.
مدير المخابرات الجديد اللواء أحمد حسني ليس من الشخصيات التي تبحث عن بروز إعلامي، ونعرف أنّ كلّ الوسائل الاعلامية فتّشت عن صور له فلم تجد إلاّ واحدة أو اثنتين، وخلال العمل الميداني، أمّا ما يرشح عنه من معلومات فلا يتعدّى كونه رجل ميدان، محترف، بدأ في الجهاز منذ شبابه، وترفّع بشكل طبيعي حتى كانت الثقة الملكية لإدارة الجهاز المهمّ.
ويبقى أنّه من لزوم القول، في هذه المناسبة، إنّ أجهزة المخابرات في مختلف الدول القريبة والبعيدة مكروهة، وينفر المواطنون من مجرّد ذكر إسمها، ولكنّها في الأردن غير ذلك، فقد استطاعت أن تبني ثقة الناس بها، عبر العمل بصمت، والدليل هو أمننا المتحقق والحمد لله، ويظلّ أنّه إذا اعتورت الصورة مشاهد شخصية مارقة فقد تمّ تصويبها فوراً، وهذا ما أكّده الملك المحبوب، وللحديث بقية.
بقلم: باسم سكجها