يوجد افتراض لدى الأغلبية بوجود مواصفات للمواطن القياسي، ولذلك بدأت عملية واسعة من جلد الذات مع سلوكيات المواطنين في الليلة السابقة على حظر التجول، وسلوك آخرين في صبيحة يوم الحظر، حتى أن بعضاً من عمليات الإشارات المبطنة والصريحة لبعض السلوكيات أخذت تصنع حالة من التوتر.
لنعترف بأن المجتمع يشكل طيفاً واسعاً، ويضم بينه على مستوى ردود الفعل فئات المتحفظين والمحايدين والمتفلتين، ولنحاور الصورة من أجل فهم أهمية كل فئة، ففي حظر تجول لأسباب صحية يكون المتحفظون هم القدوة والكتلة الوازنة التي تحاول أن تبث الطمأنينة، وتشجع على الالتزام، وربما يساورها أحياناً الغضب تجاه بعض التصرفات من الفئات المتفلتة التي تقدر الأمور بطريقة أخرى.
هذه الفئة التي يحاول البعض أن يضعها في قفص الاتهام في ظروف أخرى تستطيع أن تمثل إضافة حقيقية، ولنتذكر سوية أحداث قلعة الكرك، وكيف تداعى أبناء المدينة للقيام بواجب وطني أدى إلى مساعدة الأجهزة الأمنية على التطويق المبكر لكارثة ربما كانت لتحدث في حالة تمكن الإرهابيين من التمركز بصورة أوسع داخل القلعة، وأعتقد أن هذه الفئة كانت تمتلك الوعي بالانسحاب الفوري في حال توجه الطلب بإتاحة الفرصة للتعزيزات الأمنية للوصول إلى الموقع. وفي حالات معينة يكون المتفلتون هم الطاقة الاجتماعية التي تساعد في ظروف مناخية معينة أو في كوارث جعلها الله دائماً بعيدة عنا.
الأردنيون شعب على قدر كبير من الوعي، وبمتابعة ما يرد من تسجيلات مرئية من المغرب وتونس ومصر، نجد أن ردة فعل الأردنيين في كتلتهم الواسعة مسؤولة وتستحق الإشادة، وربما تحدث بعض الأخطاء هنا أو هناك، ولكنها في المجمل، أخطاء معقولة في ظل التعامل مع خطر غير مسبوق لم تتحدد معالمه بعد، ثم إن حالات حظر التجول ترتب ضغوطاً نفسية على الأفراد بشكل عام، والمناعة النفسية ليست متساوية، وكما هي المناعة الجسدية، يمكن تقويتها بكثير من التوعية الحثيثة والذكية والصبورة.
لنبتعد عن التجريح، وعن إضفاء صفات على فئات مجتمعية بعينها، فجميعنا في مركب واحد، والتوعية مسؤولية الحكومة والإعلام الذي يظهر اليوم كم كان بحاجة إلى نوع من التنظيم والإسناد والاستثمار، فالإعلام كما تصنفه دول كثيرة يبقى في الخط الأول من المواجهة، ويمكن لمصطلح أو وصف خاطئ أن يخلق تأزماً اجتماعياً غير ضروري، وفي غير وقته بالتأكيد
في المقابل، على الأجهزة الأمنية أن تعمل بكامل مهنيتها وضمن الأوامر الصادرة وأن تبدي الحسم الكامل، في ظروف حرجة وحساسة وصعبة على الجميع بما في ذلك أقوى دول العالم.
بقلم: سامح المحاريق