ما جرى امس الجمعة في الكرك على خلفية الحركة الاحتجاجية ينبئ بان هناك انقساماً جلياً في الرؤى الاصلاحية على المستوى الشعبي بين رؤيتين: اخوانية من جهة وحراكية شبابية وشعبية من جهة ثانية.
هذا الانقسام بدأ في الخامس والعشرين من اذار الماضي وبدأ بالاتساع والتعمق على وقع مسألتين:
الاولى : تتعلق بالاولويات الوطنية
والثانية : مآلات الربيع العربي
ففي منحنى الاولويات: يرى الحراك الشبابي والشعبي كحالة اعتراض ان المهمة الاولى تتعلق في استعادة دور الدولة في الاقتصاد و اعادة النظر في توزيع ثمار التنمية على المحافظات ومكافحة الفساد بينما المهمة التالية هي اعادة توزيع السلطة بما يحقق تثبيت هوية الدولة ويشرك المحافظات في صناعة القرار على اسس ديمقراطية وليس عبر انتقاء النخب غير المؤهلة من المحافظات والتي لا حضور شعبيا لها.
اما في منحى مألات الربيع العربي فان الحراك يرى ان الربيع العربي الذي قاده في بداية الامر الشباب العربي الغاضب تعرض الى الحركة الالتفافية الكبرى عبر التفاهم بين الحركات الاسلامية والغرب.
اما الحركة الاسلامية فترى في موضوع الاولويات ان الاصلاح السياسي والمشاركة الشعبية تعني بداهة اعادة النظر في النهج الاقتصادي بما يحقق مسألتين: الاولى مكافحة جدية للفساد وبالتالي اعادة توزيع ثمار التنمية بالتساوي وبعدالة على الجميع فالاولوية للمشاركة السياسية التي تفضي لاحقا الى اعادة النظر جذريا بالنهج الاقتصادي.
اما في مآلات الربيع العربي فالحركة الاسلامية ترى فيما يسمى الالتفاف على الربيع العربي ليس سوى فوبيا من الاسلام السياسي يشعر به ابناء التيارين القومي واليساري وهو ليس اكثر من وهم يعشش في عقولهم.
بين المعارضة (الاسلاميون) والاعتراض ( الحراك الشعبي) مسافة تتسع كل يوم ومع كل طالع شمس وبوقوع المزيد من الاحداث اقليميا ومحليا تزداد الهوة ، فالشأن السوري يفرق بينهما، والخشية من الوطن البديل تفرق بينهما، وهوية الدولة كمفهوم تفرق بينهما، ومألات شباب ثورة مصر وتونس بعد الانتخابات واكتساح الحركة الاسلامية لصناديق الاقتراع تفرق بينهما.
الدولة كطرف ثالث ترقب بحذر فهي باعماقها لا تريد الاثنين ولكنها تغازلهما كل على انفراد بذات الوقت
اذن هناك احتمالان لا ثالث لهما اما التفاهم مع المعارضة او التفاهم مع الاعتراض.. ولكل خيار كلفته السياسية والاقتصادية، فايهما اقل كلفة ؟