الخميس , 22-مايو-2025

مساهمة في الجدل المحتدم

المملكة اليوم -

هل تخلت إسرائيل عن أطماعها في الأردن؟. هل أنهت معاهدة السلام ، الأخطار والتهديدات الإسرائيلية للأردن دولة وشعبا وكيانا؟. هل السلام الأردني – الإسرائيلي طريق ذو اتجاه واحد ، أم أنه قابل للتراجع والانتكاس؟. هل يمكن مقاومة هذه الأطماع والتهديدات وقبرها في مهدها؟. كيف نفعل ذلك ، ومن سيفعل ذلك؟.

حول هذه الأسئلة ومشتقاتها وتداعياتها ، يدور الجدل الوطني الأردني ويحتدم منذ أشهر وسنوات ، وهو بلغ ذروة غير مسبوقة في الأيام والأسابيع الأخيرة ، مصحوبا بمناخات من الاحتقان ، ناجمّ في ظني عن استمرار “انحباس” عملية السلام ، فكيف يمكن أن نجيب عن هذه الأسئلة ، وبما يسمح به المقام والظرف: أولا: لا بد من الإقرار بأن إسرائيل لم تغير جلدها ، ولم تتخل عن أطماعها وأحلامها السوداء ، في فلسطين والأردن على حد سواء ، وما يبدو بين الحين والآخر ، كزلة لسان أو موقف نشاز صادر عن هذا المسؤول أو ذاك الجنرال ، يشفُّ في واقع الحال عن مكنونات الموقف الاستراتيجي الإسرائيلي ، الذي يتجلى أكثر ما يتجلى في العدوان والاستيطان والترانسفير القسري ، وبصورة لا تتهدد حقوق الفلسطينيين وحدهم ، بل وتتهدد المصالح الأردنية كذلك.

ثانيا: لذا نرى أن السلام الأردني – الإسرائيلي ليس طريقا ذا اتجاه واحد ، فالمعاهدة على أهميتها النسبية ، قد لا تساوي الحبر الذي كتبت فيه ، عندما تحين لحظة الحقيقة والاستحقاق ، وتقفز إلى السطح المشاريع الإسرائيلية القائمة على نظرية “الثور الأبيض والثور الأسود” ، ومن هنا فإن الحذر والتحذير سيظلان سيدي الموقف ، وفي ظني أن قاعدة المؤمنين بوجوب الاستعداد لمواجهة هذا الخطر في اتساع ، وهي تطاول مختلف أركان الدولة ومؤسساتها ، وتشمل بمظلتها المجتمع بمختلف فئاته وأطيافه ، إلا نفرا قليلا من “الليبراليين المتغرّبين” الذين تتساوى عندهم قضية الفلسطينيين وحقوقهم بقضية “المثليين” وزواجهم ، هؤلاء لا ينبغي أن نقيم لهم وزنا كبيرا.

ثالثا: إن مواجهة ما ينتظرنا من مخططات ومشاريع وتحديات ، يملي علينا حفظ وحدتنا الوطنية بحدقات العيون ، والاستمساك بحشد الطاقات ورص الصفوف ، فالأردن القوي والمنيع ، وحده القادر على جبه التحديات الإسرائيلية ، والجبهة الأردنية الفلسطينية المتراصة والمدعّمة عربيا ، وحدها الكفيلة برد كيد الإسرائيليين إلى نحورهم.

رابعا: الديمغرافيا الفلسطينية ، شوكة في حلق المشروع الاستعماري في فلسطين منذ أن كان شعار “أرض بلا شعب لشعب بلا أرض” ، وهي كذلك اليوم ويجب أن تظل كذلك في المستقبل ، ولا يجوز لأحد أياً كان ، وبصرف النظر عن النوايا ، أن يجعل منها سببا لاحتقان فلسطيني – أردني ، أو عاملا لإضعاف الوحدة الوطنية أو مصدرا لقلق أي فئة أو جماعة ، وإلا ستكون فتنة وفسادا في الأرض ، ونكون قد سهّلنا على الإسرائيليين تنفيذ مراميهم القذرة ، بدل أن نئدها في مهدها.

خامسا: إن الإصلاح السياسي والتنمية المتوازنة والشاملة ، هما الطريق لأردن قوي عزيز وعصي على المخططات الشريرة ، وعلى الحكومات أن تصغي باهتمام للأصوات المطالبة بتحقيق كل هذا وذاك وتلك ، لا أن تنظر إليها بعيون الشك والريبة والاتهام ، أو أن تعطيها أذنا من طين وأخرى من عجين.

سادسا: لا يظنن أحد ، أن الفلسطينيين ، بغالبيتهم الساحقة ، يمكن أن ينساقوا وراء مشاريع “ترانسفير” أو “وطن بديل” أو غير ذلك من أسماء ومسميات ، فهم تعلموا دروس النكبة والنكسة جيدا ، وحفظوها عن ظهر قلب ، وهم مستمسكون بأرضهم ووطنهم ، ومستعدون لأكثر الخيارات والبدائل والسيناريوهات كلفة ، شريطة أن تستعجل لحظة الحرية والاستقلال ، وتستقدم تحقيق حلم العودة ، على أنهم في المقابل ، يرفضون تماما محاولات الانتقاص من حقوقهم أو الارتداد على مكتسباتهم التي استحصلوا عليها بالجهد والعرق والعطاء والولاء والانتماء.

سابعا: وليكن شعارنا جميعا: كلنا أردنيون من أجل عزة الأردن ورفعته وصموده ، وكلنا فلسطينيون على طريق العودة والحرية والاستقلال والتحرر الناجز.

عشتم وعاش الأردن وفلسطين توأمين لا ينفصلان ولا يلغي أحدهما الآخر أو يحل محله.

عن صحيفة الدستور

شاهد أيضاً

تشكيل لجنة لصحة المجتمع المحلي في مركز صحي المفرق الأولي

المملكة اليوم - أعلن رئيس مركز صحي المفرق الأولي الدكتور مأمون السعدي، عن تشكيل لجنة …